الصفحة الرئيسية  أخبار وطنية

أخبار وطنية لافتة الافريقي: انتصارا لفلسطين أم أموال قطرية

نشر في  21 جوان 2017  (11:36)

لم يمر نهائي كأس تونس لكرة القدم هذه السنة مرور الكرام، بل خلفت المباراة الأخيرة التي جمعت النادي الافريقي باتحاد بن قردان، والتي انتهت بفوز فريق باب جديد بهدف نظيف وتتويجه بالكأس، خلفت ضجة لا فقط على مدى وطني وعربي كذلك، حيث أثارت اللافتة التي رفعها عدد من جماهير الافريقي «الأولترا» وتحديدا اثنين من مجموعة «الليدرز»، والتي تضمنت شعارا جاء فيه «كرهناكم يا حكام .. تحاصرون قطر واسرائيل في سلام»، اثارت ردود أفعال متباينة بين مساند لمحتوى هذه اللافتة ومندد بها، كما تم اتهام «اولترا» الافريقي بتلقي اموال من قطر وحمل شعارات ذات ابعاد سياسية.
لافتة رأى فيها البعض أنها عبارة عن تضامن صريح من جماهير النادي الافريقي، مع الطرف القطري في الأزمة الخليجية وتسببت في احراج تونس التي بقيت على حياد في هذا الملف ووقفت على نفس المسافة من الأطراف المتنازعة، في حين رأى آخرون أن «ليدرز الافريقي» طالما تبنوا القضية الفلسطينية ودافعوا عنها في «دخلاتهم» .

ليدرز الافريقي يشعل مواقع التواصل الاجتماعي

ونظرا لانتشار شعار اللافتة عبر صفحات التواصل الاجتماعي على نطاق واسع، وما خلفه مضمونها من ضجة في الأوساط الكروية وحتى الاجتماعية والسياسية، قررت وزارة الداخلية فتح تحقيق للكشف عن ملابسات ادخال لافتة الملعب الأولمبي برادس، وكانت البداية مساء الأحد بالقاء القبض على 3 شبان من مجموعة «الليدرز»، وهم حمزة الدبيبي وصبري عطواني ويوسف موسى، وهو ما زاد في تأجيج الأوضاع ودفع بعديد النشطاء ورواد المواقع الاجتماعية وصفحات الافريقي وخاصة «الليدرز» الى اطلاق حملات من أجل اطلاق سراح هؤلاء الشبان معتبرين أن المسألة لا تعدو أن تكون مجرد تعبير عن رأي بعيدا عن التعلات السياسية التي رفعها البعض واختلقوها لتبرير قرار الايقاف ثم المحاكمة صبيحة يوم الاثنين، في الوقت الذي تمسك فيه آخرون بضرورة معاقبة هؤلاء المشجعين.
أزمة كادت تشتد لولا اطلاق قاضي التحقيق بالمحكمة الإبتدائية ببن عروس سراح مشجعي النادي الإفريقي الثلاثة حمزة دبيبي وصبري عطواني ويوسف موسى، ويذكر أن التهمة التي وجهت اليهم هي «التحريض» قبل أن يتم حفظها.

طوبال والمسعودي يثيران سخط جماهير الافريقي

ومن بين الذين لم يترددوا في الاعلان عن موقفهم من لافتة جماهير الافريقي نذكر المسرحية ليلى طوبال التي اتهمت صراحة جماهير فريق باب جديد بتلقي الرشاوي من قطر مقابل رفع تلك اللافتة، وأكدت ان جماهير الافريقي لا تمثلها، موقف أيده المحامي عبد الستار المسعودي قبل أن يشطب في وقت لاحق ما دونه وأيضا رئيسة الحزب الديمقراطي التونسي هزار الجهيناوي.

سليم الرياحي: متى ستتعلم الدولة كيف تتعامل مع الجماهير الرياضية؟

من جهته استنكر سليم الرياحي رئيس النادي عملية الايقاف التي طالت عناصر «ليدرز الافريقي» مستشهدا بالفصل 31 من الدستور والذي يقر بأن حرية الرأي والفكر والاعلام والنشر مضمونة ولايمكن ممارسة رقابة مسبقة على هذه الحرية.
واكد الرياحي أن الثورة التي قامت بإرادة ألاف الشباب مثل صبري و حمزة لا يمكن ان يسجن بعدها أي تونسي بسبب تعبير عن رأي لم تستسغه السلطة.
وعن الأزمة الخليجية القطرية قال الرياحي انه ان كان للسلطة موقف غير الحياد التام من أزمة الخليج الأخيرة ، فلماذا تمتنع عن التصريح به علنا عبر القنوات الرسمية؟
وختم بقوله :» متى ستتعلم الدولة كيف تتعامل مع الجماهير الرياضية و طرق تعبيرها والتي قد تمرر رسائل سياسية مزعجة للسلطة حال مجموعات الالترا في الإفريقي وتونس وفي العالم؟

أنيس بن ميم: هذا ما ينص عليه قانون الفيفا

وفي حديث جمعنا مع الأستاذ والمختص في القانون الرياضي أنيس بن ميم، أكد أن الاتحاد الدولي لكرة القدم «الفيفا» يمنع استعمال الشعارات السياسية في الملاعب، موضحا في المقابل أنه لا يعاقب بصفة آلية مرتكبيها بل يعتمد سياسية التدرج في العقاب حيث يتم التنبيه في مرحلة أولى ثم توجيه خطايا مالية الى الجمعيات قبل معاقبتها بصفة قانونية مؤكدا أن الفيفا تعتمد سياسة المراحل في مثل هذه الحالات أو على خلفية رفع شعارات عنصرية قبل ان تسلط عقوبات شديدة في حال تكرر نفس الأخطاء .
أما بخصوص ملف جماهير الافريقي، فذكر أنيس بن ميم أنه تم حفظ التهم الموجه لمجموعة «الليدرز» لأن الملف كان خاليا من كل المؤيدات مشيرا الى أنه لا يمكن معاقبة اشخاص بتهمة التحريض لمجرد تدوين عبارة «كرهناكم» والتي تدخل في خانة التعبير عن مشاعر معينة أي في باب الحريات التي يضمنها الدستور التونسي حيث لم يتم تدوين عبارات تحريضية على غرار «قاتلوهم» أو «اسحلوهم»، على حد تعبير محدثنا، الذي اضاف أن الشعار لم يحمل عبارات عنف كما ذهب الى ذلك البعض .
وذكر بن ميم أن الملف أخذ حجما أكبر بكثير من حجمه، مبينا أن الشعار المرفوع لم تكن الأزمة الخليجية المقصودة به بل القضية الفلسطينية التي طالما كانت من اولى اهتمامات جماهير الافريقي، مشيرا الى أن الجماهير طالبت من الحكام العرب ان تكون وحدتهم حول القضية الفلسطنية.

محمد الجويلي: شتم الرئيس أهم من مضمون اللافتة

أما أستاذ علم الاجتماع محمد الجويلي فأفادنا أن الشعارات التي ترفعها «الألترا» عادة ما تكون محملة برسائل أكثر منها حقائق واقعية، مبينا أن ملاعب كرة القدم تضم كل مقومات المجتمع بما في ذلك السياسي، موضحا ان رجل السياسة يتدخل هو الآخر في المجال الكروي بدليل حضور رئيس الجمهورية مباراة الكأس واشرافه على تسليمها، مضيفا أن ملعب كرة القدم حالة سياسية بامتياز ويضم كل ما هو متصل بهذا العالم بدءا من الشعارات وصولا الى حضور رئيس الجمهورية بصفته السياسية .
واوضح محدثنا أن اللافتة المرفوعة كانت ستكون مسألة ثانوية لولا عنصر المفاجأة التي رافقها وجعل منها حدثا رئيسيا مقارنة بلجوء عدد من الجمهورية الى شتم رئيس الجمهورية ووزيرة الشباب والرياضة ماجدولين الشارني، موضحا ان اتيان هذا الفعل الأخير اهم من مضمون اللافتة ورغم ذلك لم يتم فتح تحقيق في المسألة .
وختم كلامه بأن السلطات عاقبت جمهورا على خلفية رفعه شعارا سياسيا في حين تغاضت عن مسألة لا تقل أهمية الا وهي الشتم والاهانة .

نبيل السبعي: القانون لا يعاقب على الاحاسيس والمشاعر

من جهته افادنا محامي الشبان الثلاثة، نبيل السبعي، أن عملية الافراج عن الموقوفين جاءت على خلفية عدم توفر الأدلة الكافية لإدانتهم بتهمة التحريض.
من جهة أخرى اكد محدثنا أن مضمون الشعارات التي ترفع خلال هذه المناسبات عادة ما تكون مراقبة من قبل وزارة الداخلية لكن ما حدث في مباراة كأس تونس هو أنه تم ادخال اللافتة خلسة محملا الجهات الأمنية المسؤولية حيث لم يتم تشديد المراقبة، مؤكدا ان مجموعة الليدرز بعيدة كل البعد عن كل ما هو سياسي في المقابل عرفوا بتبنيهم لكل ما يتعلق بالقضية الفلسطنية وكان آخر الشعارات التي رفعت في هذا السياق خلال دخلة «حنظلة» التي لاقت رواجا عالميا في الموسم قبل الفارط وتم تصنيفها ضمن أفضل الدخلات في العالم...» .
واكد نبيل السبعي أو «ألترا» الافريقي يضم 4 مجموعات وأن مجموعة الليدرز هي من نفذت لافتة مباراة الكأس، مؤكدا أن الهدف لم يكن مساندة قطر في الازمة الخليجية بل مساندة القضية الفلسطينية، مستحضرا الشعار الذي رفعته مجموعة «الوينرز» خلال دخلة مباراة النادي الافريقي بفريق «البي آس جي» بحضور ناصر الخليفي والذي رأى البعض انه يصب في مجمله ضدّ دولة قطر وهو ما يدل على ان اهداف هذه المجموعات ليس سياسيا.
وافادنا أن كل ما حصل هو نتيجة احراج هذه اللافتة للدولة التونسية التي لم تعلن صراحة عن موقفها تجاه الأزمة الخليجية, وأكد السبعي أن رفع مثل هذه اللافتات يدخل في خانة حرية التعبير والرأي التي يكفلها الدستور، وانه لا توجد اي جهات تدعم هذه المجموعات.
اما بخصوص التهمة التي وجهت الى شباب «الليدرز» فذكر الاستاذ السبعي، انه تم توجيه تهمة «التحريض» دون ذكر ضدّ من يقف وراء الأمر حتى وان ثبت فعلا، مبينا انه في هذه القضية لا يوجد تحريض حيث يعاقب القانون ضدّ النوايا والمحاولات والافعال، لكنه لا يعاقب على الشعور والاحاسيس وهو ما ورد باللافتة.

الداخلية توضح

وباتصالنا بالناطق الرسمي باسم وزارة الداخلية ياسر مصباح أكد أنه لم يكن هناك تقصير أمني في حادثة لافتة جماهير الافريقي، مبينا أنه تم ادخالها خلسة وبطريقة سرية داخل اللافتة الرسمية والتي اطلعت وزارة الداخلية على محتواها، مبينا أن هناك عديد النجاحات التي تحسب للوحدات في مثل هذه المناسبات وانه لا يمكن محاسبتهم على مثل هذه التجاوزات .

سناء الماجري